الخميس، 19 يوليو 2012

مفهوم الاقتصاد السياحي



 مفهوم الاقتصاد السياحي
تمهيد:
        إن مفهوم السياحة هو مفهوم شاسع وذلك الى كل مختص وهو يعالج ويقدم المفاهيم  الاساسية والمتعارف عليها لدى المختصين في السياحة ، وهذا المفهوم يختلف من عالم الى آخـر.

  المبحث الأول: نشأة  السياحة وتطورها

                 يـــرجع الأستاذ "شمولر جوستاف " وهو خبير سياحي  ، أن  منشأ السياحة  يعود إلى نشأة  الانسان نفســه  وان حاجات الانسان  الغريزية  كالطعام  والأمن  هي التي دفعته  الى السفر والترحال ، فعندما كانت   منطقته  لاتوفر  له حاجياته من الطعام  والأمن  بدأ يبحث عن مناطق توفر له ذلك ، إضافة إلى رغبة  الإنسان في التغيير المؤقت  لمكان إقامته  وهو مانسميه  اليوم " السياحة " كذلك ساهمت الديانات في نشأة  وتطور السياحة ومن أهمها  الديانة الاسلامية والتي تشمل الزيارة إلى الأماكن المقدسة  ومن أهمها الحج الذي يلعب دورا فعالا في تنمية  وتطوير  السياحة  مع تقديمها  وتعريفها للغيــر(1) .
    ثم جاء الفلاسفة  الذين جابوا مناطق غير معروفة  لطلب  العلم والمعرفة  والتي بواسطتهم أصبحت عدة مناطق وشعوب معروفة  لدى الأمم ، وتم عن طريق الترحال اكتشاف قارات بأكمـلها.
    بعدما كانت السياحة تتميز بتحركات الأفــراد من أجل البحث عن الأمن  والغذاء  لهم ولحيواناتهم  بدأت تتبلور فكرة التطور والمتمثلة في ربط  العلاقات الإنسانية  والتي بدورها أدت إلى خلق عادات للزيارات وكذلك الاستشفاء الصحي ، ومع  تطور الزمن  أصبح الأفــراد ينتقلون من مكان لآخـر  قصد التنزه أول إنجاز كان في فرنسا لممرين يمثلان " الدورة الصغرى " التي تشمل  باريس والجنوب الغربي  "  بالدورة الكبرى" التي تشمل باريس والوسط ثم الجنوب  الشرقي  ومنه ظهرت العبارة التالية " قم بالدورة الكبرى"  وهذا من بريطانيا العظمى سنة 1807 بحيث كل  شاب إنجليزي خلال نضجه مطالب بالسفر  حول القارة (2).
      واستمر  تطور السياحة حتى حدثت  الطفوى الكبرى" من القرن العشرين(20 ) حيث ساهمت  الثورة الصناعية  في إنعاش السياحة  بسبب عدة عــوامل.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مروان السكر : مختارات من الاقتصاد السياحي - الاردن مجدلاوي للنشر والتوزيع سنة 1999 ص 13.
2-GERARD  GUIBILATO  Economie Touristique Edition,  d’E LTAS page 22.


 المطلب الأول: تعريف السياحة

        تعني كلمة السياحة  في معناها الأول  السفر والإقامة  المؤقتة خارج مكان السكن الأصلي ، في الماضي سافر الناس لأهداف مختلفة  منها التعرف على العالم  ودراسة اللغات  الأجنبية (1).

           - أما السياحة  بالمفهوم الحديث  هي ظاهـــرة طبيعية من ظواهـر العصر الحديث والأساس منها الحصول على الاستجمام وتغيير الجو  والمحيط  الذي يعيش فيه الإنسان  والوعي الثقافي  المنبثق لتذوق جمال المشاهد الطبيعية ونشوة " الاستمتاع بجمال الطبيعة" وهذا التعريف يعود للألماني  " جوبيير فولر  " بتاريخ 1905.
     كما عرفت السياحة من قبل العالم الاقتصادي النمساوي " شـوليرن شــراتنهوس"  عام1910    بأنها  " الاصطلاح  الذي يطلق على أي  عمليات خصوصا العمليات الاقتصادية  التي تتعلق بوجود وإقامة وانتشار الأجانب داخل وخارج منطقة معينة أو أية  بلدة ترتبط بهم ارتباطا مباشــرا (2).

           - أما الباحث الإنجليزي "نورفال " فقد سلط السياحة على الاجانب فقرر ان السائح  هو الشخص  الذي يدخل بلدا اجنبيا لاي غرض عدا اتخاذ هذ البلد  محل اقامة دائمة او عدا العمل  من هذا  البلد عملا منتظما مستمرا  والذي ينفق في هذا البلد الذي يقيم فيه مالا كسبه في مكان آخر. (3)
           - ظلت هذه التعارف السابقة الذكر مجرد محاولات للاهتداء الى تعريف يجمع مقومات  السياحة وعناصرها وخصائصها من ضوء تطورها في الأعـوام  السابقة للحــرب العالميـــة الثانــية .

         إلا أن هناك تعريفا شاملا  يمكن  إتخاذه أداة للانطلاق والتحليل وهو التعريف الذي اطلقه الاستاذ "هـونزيــكير " السويسري  رئيس الجمعية  الدولية  لخبراء السياحة  العالميين .
في بحث نشر له بالمانيا عام 1959م والذي استقر معظم الباحثين في علم السياحة على انه تعريف علمي غطى سمات  السياحة الرئيسية  والقواعد التي تقوم عليها السياحة وهو " مجموع  العلاقات  والظواهر  التي تترتب مع سفر  وعلى اقامة  مؤقتة  لشخص اجنبي  في مكان ما طالما  ان هذه  الاقامة  المؤقتة دائمة  وطالما لم  ترتبط هذه الإقامة بنشاط  يغل ربحا لهذا الأجنبي. (4).



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1  - مروان محسن السكر العدوان  - مرجع سبق ذكره  سنة 1999  ص 13.
2  - محمود كامل - السياحة  الحديثة علما وتطبيقا سنة 1975 ص 16.
3  -  محمدي موسى الحريري  القاهرة مصر - جغرافية السياحة " الاسكندرية"  سنة 1991ص 18
4  - محمود كامل مرجع سبق ذكره  ص 16.
ومن الصعب  إعطاء  تعريف  واحد  وشامل  لكلمة السياحة  حيث أنه بالقدر  الذي يوجد فيه مؤلفون مختصون في هذا المجال  بقدر مايوجد هناك  تعاريف  مختلفة لكلمة السياحة .
           وكانت كلمة  السياحة  تعني من بدايتها  الحركة  والسفر  وقطع  المسافات والعودة  بمكان  السكن الاصلي  والسائح هو ذلك  الشخص  الذي يقيم برغبته خارج مكان سكنه  الاصلي دون ان يهدف الى مكتسبات اقتصادية وعليه ان يصرف  أمـوالا وفرها  في مكان آخــر.
        وفي اجتماع  عقدته هيئة الامم المتحدة  في روما  سنة 1963 وتحت عنوان  السياحة الدولية  جاء تعريف  السائح الدولي  على أنه " كل شخص  يكون  موجودا  بشكل مؤقت في دولة  أجنبية ويعيش خارج مكان سكنه  الأصلي خلال أربع  وعشــرين (24 ) ســاعة أو أكثـــر ويستدل من هذا التعريف على أن السياح هــم :
 -1- الشخص الذاهب  للترفيه أو العلاج  اأو لاسباب  أخــــرى.
 -2- الشخص الذاهب لاجتماعات دوليــة أو لحضورمباريات رياضـية دولية او المشاركة  بها.
 -3- الشخص الذاهب للدراسة أو التخصص في مجال معين.
     ومن هذا التعريف  يستدل أيضاعلى أن الشخص لايعتبر  سائحا في الحالات التاليــة:
  1 - الشخص الذاهب للعمل بدولة اجنبية ويعمل بها  بعقد او بغير عقــد.
  2 - الشخص الذي يستوطن  في المكان  الذي ارتحل  اليه  وكان سائحا منه .
     إن الهيئات الدولية قامت  هي ايضا  بتعريف السياحة كمفهوم  وظاهرة من  خلال تعريف  السائح وهو الشخص  المعني  الرئيسي  من السياحة  وهذا لأسباب إحصائية  شاملــة  والصعوبات في تنوع  التعاريف  العديدة  للاصطلاحات  الهامة  فعرفت  لجنة خبراء  الإحصائيات  التابعة  لهيئة  الامم  المتحدة  عام 1937  السائح  هو " أي شخص  يزور بلدا ما غيــر تلك  التي  يقيم  عادة  فيها  لفترة  لاتقل عن اربعة وعشــرين (24) ساعة  وينقسم السياح إلى :
  1 -  الأشخاص  الذين يسافرون من أجل المتـعة لاسباب عائلية ، للاسباب الصحية ... الخ
  2 - الأشخاص الذيـن  يسافـرون لحضــور الاجتماعات  الدولية  لتمثيل بلادهم  سواء علميا أو
إداريا  أو ديبلوماسيا أو رياضــيا .
  3 - أرباب الأعمال  الذين يسافرون  لاسباب تتعلق بأعمالهم.
  4 - الأشخاص الذيــن يسافــرون فـي رحلات بحـريــة ولو كان مـدة إقـــامتهم اقل من أربعة وعشـرين (24) ساعة .(1)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- GERARED  GUIBILATO - OPCITE  PAGE 14 .                                             
في هذا الصدد يــرى مؤسس الأبحاث  السياحي " KRAPTE HUNSIKER    " أنها مجموعة من العلاقات  والأعمال  التي تكونت  بسبب التنقل  واقامة الافراد خارج مقر سكناهم  اليومي  حيث ان هذا  التنقل لايدخل في إطار  النشاط  الإنـسانـي  المربح .. الخ .
 رغم صحة هذه التعاريف فإنها غير كاملة وغير شاملة للظاهرة السياحية  كما نراها في عصرنا  الحالي ، لأن هذه  التعاريف  لاتشمل  سوى  جوانب معينة في الظاهرة  كالسفر ، والتنقل ، والاقامة  خارج  السكن  اليومي  المعتاد  واشباع  حاجات  معينة داخل  البيئة.
   وحتى  يمكن  الوصول  الى تعريف  عام  وشامل  للظاهرة  سنورد  تعاريف  علمية  اخرى  يعرفها  قاموس  ( (Petit Robertعلى أنها مجموع الأنشطة  المتعلقة بتنقل  السياح  واقامتهم خارج سكناهم  اليــومية  وهي وفق هذا  التعريف  ، تتمثل في الاعمال  والأدوات  التي تتعلق  باقامات السواح وتنقلهم ونشاطاتهم الترفيهية فالسياحة  إذ  تشمل على عدة عناصر :
        -  وسائل النقل  المختلفة ، هياكل  الإقامة ، المطاعم  والملاهي ، والمقاهي  ،والحدائق وغيرها  والوقت الحر  فهي بذلك  تكون  صناعة  تختلف عن الصناعات  الأخرى نظرا  لتداخل  عدة  قطاعات  ونشاطات  في تكوينها .
        -  أما المجلس الإقتصادي  والإجتماعي  الفرنسي  فقد عرفها في قراره الصادر سنة1972 بأنها " فن تلبية  وإشباع  الرغبات  الشديدة  والتنوع  التي تدفع الانسان  إلى التنقل  خارج مجاله اليومي .. إ لخ " (1) .
    هذا التعريف  يضيف شــيئا  جديدا  إلى التعاريف السابقة  وهو إعتبار  السياحة  فن يعني ذلك  أنها قطاع  مميز  عن قطاعات  النشاطات  الاقتصادية  الأخــرى  بسبب طبيعتها ووظيفــتها  وأسلوب  وأدوات تطويرها  وإختـلافـها  عن الخــدمات  الأخرى  التي تقدمها  الدولة للمواطن .








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 -1 Note et Etudes Documentaire N° 50 : 4591 4592  Année 1980     .page10                                                          


المطلب الثاني: أنواع السياحــة

         ينبغي تحليل  القطاع السياحي بإعتباره عنصرا من عناصر  التنمية  خاصة في بعض المناطق ، وفي هذا الإطار يكتسي طابعا  متعدد الأشكال  وتتميز السياحة  الحالية  بكثرة  انواعها وأشكالها ويمكن تقسيمها إلى عدة أنواع:
1 - حسب جنسيات السياح : تنقسم السياحة  الى نوعين  رئيســيـيـن هما:
    أ) - سياحة خارجية  ( دولية)  وتكون من قبل  مواطنين اجانب داخل  حدود  دولة اخــرى وفي جميع الحالات  يتم إختيار  الحدود الدولية  وصرف عملة أجنبية  صعبة  خلال فترة السياحة.والسياحة الخارجية تنقسم إلى نوعين  سالبة وموجبــــة:
 - فالسالبة تحصل عندما يذهب مواطنون البلاد للسياحة في الخارج  وينفقون عملة صعبة وفروها داخل البلاد .
 - والموجبة تحصل عندما يحضر مواطنون أجانب  إلى دولة معينة وينفقون عملة صعبة تساعد في زيادة الدخل  الوطني.
ب)  - سياحة داخلية : تتم من قبل مواطني دولة معينة داخل حدود  دولتهم  وتنفق فيها  عملة محلية
2- وتقسم السياحة  حسب هدفها  إلى عدة ّأقسام هـــي:
  أ)  - السياحة العلاجية:
   تكمن في هذا النوع من السياحة الحاجة إلى العلاج  الجسمي والنفسي وأمراض أخـــرى عند المواطنين وتمارس بهدف الشفاء التام أو التخفيف من الآلام والأوجاع وهي تنقسم إلى عدة انــواع حسب الوسائل الطبيعية المستخدمة في العلاج وهي :
       1- السياحة العلاجية المناخية :
 ويتم العلاج عن طريق المناخ وذلك مثل بعض الأمراض التي تعالج في الجبال والبعض الآحر في البحار وغيــرها.
       2 - السياحة العلاجية المعدنية:
   تشمل السياحة المعدنية  شكل السياحة الصحية  الاكثــر إنتشارا لكن التقاليد المنتشرة  في هذا الميدان تجعلها تتجاوز هذا الإطار تماما حيث أنها تعتبر كاحدى وسائل التسلية  والراحة  وتملك الجزائر إمكانيات هامة من الحمامات المعدنية  لاتزال غير مستغلة ، وفي إطار حصيلة الحمامات المعدنية التي أنجزت عبر كل التراب الوطني  سنة 1986م (1) ، تم إحصاء 202 منبع للمياه  المعدنية  يمكن أن يسمح إستغـلالهـا بتوسيع المنـتجات السياحـية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1 الدورة السادسة عشر للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الجزائر  نوفمبر2000 ص 9.



 
ب- السياحـــة الترفيهية:

        تكمن فيها الحاجة  للراحة الضرورية لاستعادة القوى النفسية والفيزيائية للفرد علما بأن كل إنسان يبحث عن التنوع في حياته  ويهرب  ويتحرر من روتين (العمل اليومي)  وتمثل الراحة  الفعالة أحيانا بتغيير مكان السكن وهدف هذا النوع من السياحة هو المحافظة على صحة الفرد.

ج- السياحـة الرياضية:

        وتقسم الى نوعين  سالبة وموجبة ، والسياحة الرياضية  الموجبة تتمثل بالسفر والإقامة للمشاركة الفعلية في المباريات  الرياضية  ويضم هذا  النوع جميع أنواع  الرياضات المعروفة  وتمثل السياحة  الرياضية  السالبة بالسفر والاقامة من أجل مشاهدة المباريات والإحتفالات الرياضية (1) .
   والسياحة الرياضية  بشكل عام تشكل  وسيلة لتطوير التبادل السياحي بالنسبة  للشباب  ، ويستحسن  أن تشجع الجزائر  تنظيم هذه التظاهرات  عبرالوطن.

د- السياحة الثــقــافــيــة : 

        وتهدف هذه السياحة إلى زيادة المعرفة لدى الشخص  من خلال تشجيع حاجاته الثقافية  للتعرف على المناطق والدول غير المعروفة له وهي مرتبطة  بالتعرف على التاريخ  والمواقع الاثرية والشعوب وعاداتها  وهذا النوع  من السياحة  مشهور ومعروف في مصر واليونان وايطاليا ، وهي سياحة نخبوية  حتى من البلدان المتقدمة لانها تكاد تنعدم في الجزائر إذا لاتجد  اقبالا لحد  الان من طرف السكان المحليين  وتبقى حكرا على السواح الاجانب ومهما يكن ينبغي  أن يشكل تعميم السياحة  الثقافية هدفا لتقويم التراث الثقافي ( علم الاثريات والمتاحف والمسارح )  من زاوية  تجارية محضة  وفي نفس الوقت  وسيلة لتشجيع  الشباب على الاهتمام  بالثقافة بكل أشكالها .
 هـ- السياحة الرسمية: تنقسم  إلى نوعيــن :
   1- السياحة  الرسمية  :
        وتكون عندما يسافر  أعضاء الوفود أو اشخاص  معينين من أجل المشاركة في محادثات  رسمية أو من أجل المشاركة  في إحتفالات  دولية معينة .
   2- السياحة الرسمية  الاقتصادية : وتكون عندما يسافر الشخص من أجل مشاهدة  المعارض التجارية والصناعية .
    سيسمح تطوير شبكات الاتصال وتحرير الاقتصاد بزيادة الزيارات  الشخصية  أو في اطار التظاهرات  المختلفة ، كالمؤتمرات والأسواق والمعارض .. الخ .

1- مروان السكر -مرجع  سبق ذكره ص 17 .
 كما ينبغي أن تركز جهود الترقية من خلال توفير عرض خاص ( فيما يخص امكانيات الإستقبال وتقنيات الاتصال وتهيئة المساحات  .. الخ ) على تنمية هذه السوق في مجال الاجتماعات  المهنية  التي تعرف  إنتشارا واسعا وذات النتائج المعروفة  على الصعيد الاقتصادي.
 و- السياحة الدينية :
       وتعتبر من أقدم  أنواع السياحة  وتتـــمثل  في زيارة المواقع الدينية ومن أشهر المواقع  الدينية  في العالم  التي شهدت  زيارات دينية  منقطعة النظير  كمكة المكرمة  والمدينة المنورة  في المملكة العربية السعودية  وكذلك دولة الفاتيكان في روما بالنسبة للمؤمنين بالعقيدة  المسيحية.
السياحة ذات الطابع الديني  التي لايمكن  إعتبارها شكلا من أشكال السياحة في الجزائر  وحسب العرف تتم على شكل طقوس حول الاضرحة  المصلية  المعروفة نوعا ما ، وقد أدى تطور  المجتمع إلى تراجع هذه التظاهرات التي تشكل تــراثا  ثقافيا كفيلا بتطوير المنتجات  السياحية  من ناحية أخرى  ، يمكن إعادة الاعتبار للمواقع الدينية  التي أعتادت على زيارتها  مختلف  الطوائف  الدينية  قصد  تشجيع  النشاط السياحي.

ي - السياحة حسب الشكل التنظيمي  وهي:
1- السياحة الجماعية :
            وتكون عندما يسافر  السياح مع بعضهم  جماعيا  وضمن  برنامج  يشمل  الاماكن  المنوي زيارتها  ومكان  المنام  والطعام  وغيرها ، وهي تنظم عن طريق  وكالات  السياحة والسفر  وتنقسم الى قسمين :
     أ)  - تنظم المجموعة الواحدة برنامج  الرحلة لوحدها من حيث  مدة الاقامة  في المناطق السياحية  والاقليمية  المنوي زيارتها  وتحدد طرق  المبيت  والطعام  المنوي  استحدامها  في الاماكن  السياحية  أي انه  يكون  غير مخطط لها مسبقا حسب  برنامج .
     ب)  - سياحة جماعية منظمة : يكون برمامج الرحلة  معد مسبقا  من قبل شركات السياحة  او وكالات  السياحة  والسفر  ومحدودة  ظروف المنام  والطعام  وعدد الليالي  التي يقضيها  السياح  والامكنة  المنوي زيارتها .
2- سياحـــــة فرديـــة :
 وهي سياحة من افراد لوحدهم  للاقامة  خارج  مكان  سكنهم الاصلي تنقسم  الى نوعين:
    أ)   -  سياحة فردية غيـر منظمـة.
   ب)  - ســياحة فــردية منظــمة.



المطلب الثـالـث : تطور السياحة :
    بعدما كانت  السياحة  في القرون الوسطى تتميز بتحركات الأفراد والزيارات لغرض محدد كالصحة والعمل  والحج الى غيرها ، أصبح الافراد ينتقلون من مكان لآخــر قصد التنزه وأول إنجاز كان في فرنسا لممرين هما "الدورة الصغرى" وتشمل باريس والجنوب  الغربي  و "الدورة الكبرى"  التي تشمل  باريس والوسط ثم الجنوب الشــرقي .
ظهرت العبارة " قم بالدورة الكبــرى" وهذا من بريطانيا  سنة 1807 بحيث كل شاب إنجليزي خلال نضجه  مطالب بالسفر حول القارة وكلمة سياحة  أشتقت من الكلمة الانجليزية دورة <THE TOUR - وفي سنة 1807 ظهرت كلمة سائح والتي تعني  الشخص الذي قام بالدورة ومن هذا  النتائج  اصبحت هذه الكلمة  تشـرح نظرية وتطبيق السفر من أجل المتعة أما في اليونان فظهرت السياحة العلاجية (1) .
   وأستمر تطور السياحة حتى حدثت  الطفوة الكبرى في القرن العشرين(20) حيث ساهمت  الثورة الصناعية في إنعاش السياحة بسبب عدة عوامل :
  أولا : تـــطور وسائل النقل :
 ثانيـا:  تطور وسائل الاتصال  والاشهار  والاعلان .
ثالثـا :  إرتفاع مستوى دخل الافراد وتقليص وقت  العمل وظهور العطل  السنوية .
إن تطور السياحة كان مع تقدم الفكر الانساني  شيئا  فشيئا وهذا بتنمية وسائل النقل والاتصال ، فهذه الوسائل تجعل السفر أكثر راحة كما تسمح بربط المناطق  المعزولة وهناك نمطين لتطور السياحة هما
   -1- السياحة العصرية أو الاجتماعية :
     ظهرت في القرن التاسع عشر (19) مع التقدم الحضاري والصناعي حيث أنشأ معهدين الاول في أوروبا الغربية والثاني في أمريكا الشمالية وهذا نتيجة  تقدم الهياكل الحضارية سنة 1940
-2- السياحة الكتلية :
       لقد أصبحت ظاهرة مهمة في رفع المداخيل من العملة الصعبة وهذا خلال القرن العشرين (20) لكن السياحة الاجتماعية لم تنمو بإتــباع قوانـيــن إجـتماعــية تعترف بقانون العمل الى غاية 1850 وقت العمل كان يصل ال 14 ساعة في اليوم مع تطور الخدمات السياحية والفكر الانساني تقلص فارق ساعات العمل وأخذ مصطلح السياحة معناه الحقيقي سنة 1936م أين تم إنشاء المكتب الدولي للسياحة الاجتماعية (B .I .T . S ).



- GERARED  GUIBILATO - OPCITE  PAGE 22 . 1

   -3- السياحة في الاقتصاد الحديـث :
                 من خلال تقديم الخدمات تقوم السياحة بدورها في عملية تصريف  الثروات  السياحية  وتلبية  حاجات ورغبات  السياح  المحليين والاجانب  من الراحة والعلاج والزيارات والرفاهية وغيــرها.وعادة تحت كلمة الخدمات السياحية  يفهم :
       - مجموعة من الأعمال التي تؤمن للـــسياح الراحة  والتسهيلات عند شراء واستهلاك الخدمات والبضائع .
   لقد مرت السياحة بعدة مراحل ومن أهمها :
   المرحلة الاولى :  التنقل والترحال من اجل محيط افضل وذلك قصد الرعي والبحث عن الرزق والامن وهذا ماميز حياة  البداوة  أي اساس  حياة الانسان  البدائي حيث جاب الصحراء  القاحلة  والهضاب والوديان  وعبر الأنهار وصولا الى السهول  الخصبة ، فارتبط بالطبيعة  وعرف الزراعة  حتى وصل  إلى الاستقرار  والثبات فكانت بمثابة مرحلة  للاستكشاف  ومعرفة جديدة  للسفر .
المرحلة الثانية : التجارة والتي لازمت  التطور الطبيعي  للجماعات الانسانية  واصبحت  في إستقرارها  تنتج فائضا  عن حاجاتها الضرورية  وتسعى  لتصريفه  بكافة الطرق  الممكنة  فلم يلتصق بمكان معين بل تنقل  وغير  وكان الحج  الى الاماكن المقدسة  الدور الاوفر في التنقلات  والتعارف والخبرات  الجديدة  التي أكتسبها  الافــراد والجماعات  في أسفارهم  على حد ســواء
المرحلة الثالثة : الرغبة في معرفة  المجهول  وما هو جديد  من الثقافة  والمعارف  ورغبة الانسان في التحرر  من قيود بيئته  سعيا  وراء اكتشاف  والتعارف أن المرحلة الثالثة  هي اكثر  ما ميز  ظاهرة  السياحة  في الماضي  وذلك من خـــلال  عدة اشكال  نذكر منها.
   الســفر من أجل المغامرة  والاطلاع او الاستكشاف  والمصلحة  امثال  البحاراكريستوف  كولومبس "   فاسكو ديغاما "  ومشاهيــر الــعرب والمسلمين  مــن بــيــنهــم   "إبـــن خلــدون " إبن بطوطة" إبن جبير . كما نجد أيضا  إبن البندقية  "ماركو بولو" .
  السفر الذي قام به العلماء والمثقفون  الرحالة  لدراسة الاراء والنظم  وحياة  الشعوب الاخرى  ودراسة   الآثار  والثروات  ، وللمتعة ايضا ، أمثال  المؤرخ  الاغريقي "هيرودوت"  المسافر المعروف  بسيره وكتاباتـه  والاديب  الصيني "يوانغ شــانغ"
- السفر الذي الذي قام به  علماء بريطانيا  خلال العصور  الوسطى  الى الجامعات  المختلفة  في رحلات طويلة  الى اوروبا  من اجل تلقي المعرفة.
وعندما حل القرن السابع عشر(17 ) ظهر السفر بغرض  المشاهدة وبدأت طائفة  من الناس  يغدون الى العواصم  الكبـــرى لمشاهدة  القصور الملكية وارتياد  المراكز الثقافية الهامة وقد تزايد عدد هؤلاء تدريجيا  مما حدا بفرنسا  إلى إصدار  دليل  سياحي  عام 1672  يساعد على القادمين  اليها للتعرف على آثارها  ووصف  الطرق  إلى باريس  ويتحدث هذا الدليل على الرحلة الصغيرة  التي تشمل  الجزء الجنوبي  الغربي من فرنسا  والرحلة الكبيرة وتشمل بصفة  خاصة  الجزء  الجنوبي  الشرقي  من فرنسا .
   وفي العصور القديمة باتت ظاهرة السياحة  والسفر متعة محببة في منطقتي  اليونان  وما عرفه سكانها  من سفر إلى الجزر اليوناية  وبالتحديد  الى اولمبيا  لمشاهدة  الاولمبية  او المشاركة فيها لمدة تربو  على ألف عام (1000 سنة ) بدءا من776 ق م  وارتياد  الحمامات  العلاجية  للاستشفاء.
الرومان  وما عرفته  من موجات  المسافرين  بهدف  المتعة  حيث ازدهرت  الطرق الرومانية  بها.
 وعلى الطرق  الرومانية  انتشرت  محطات  الراحة  التي كانت تتوقف بها العربات  لتغيير  الجياد وكانت تلك  المحطات  تنتشر على مسافات  متفاربة  واتجه  هؤلاء  المسافرون  الى اليونان  يستشرقون عظمتها  ويتمثلون  حكمتها  وذهب غيرهم   الى مناطق  المياه المعدنية  ووفد  الكثيرين  منهم  الى مصر  ليشاهدو  عجائبها  القديمة  واهرامها  العظيمة  ومن اثار  تلك  الفترة  الحمامات  والمسارح  الرومانية  الشهيرة (1) .
مماسبق نجزم بان  الانسان  سائح بطبيعته  ونظرته  ، ونظرا  الى  سعيه  الدائم  للسفر  والترحال  واستجابة  لمختلف  دوافعه ورغباته.
المطلب الرابع : فـوائد وعيوب السياحة:
أولا:  فــوائدها:
    تحقق السياحة فوائد كثيرة  للمجتمع  إذا وضعت  في إطار  إستراتيجية  التنمية  الوطنية  ووفرت لها الشروط  اللازمة  لتنميتها  من هذه الفوائد مايلي:
  1- تساهم في توفير العملة الصعبة  للدولة  لان التجارب  القائمة  تشير  الى ارتفاع  النسبة التي تشارك بها في تكوين  إيـرادات  الـدول  مــن العملة الصعبة
  2- تساهم في انشاء مناصب عمل جديدة فهي بذلك  تعتبر  قطاعا  مساعدا  على محاربة  البطالة. فمثلا : أن انشاء مركب سياحي او فنــدق يــؤدي الى خلــق  مناصب عمـل جديـدة  فمثـلا انشاء فندق لاس بالماس(LASPALMAS  ) باسبانيا ادى الى خلق 2500 منصب شغل جديدة (2) .
  3- تساهم في زيادة الدخل  الوطني  ، وفي تحسين ميزان المدفوعات  وذلك ليس فقط بمقدار  ماينفقه  السواح والمسافرون اثناء  رحلاتهم ،بل عن طريق مايطلق عليه  في علم الاقتصاد "بالمضاعف الاقتصادي "لان الاستثمارات  السياحية  تؤدي الى سلسلة  اخـــرى من الاستثمارات  التي تؤدي بدورها الى زيادة  الدخول وهكذا.




1 -  نبيل الروبي / نظرية السياحة مجموعة  الدراسات  السياحية : مصر    مؤسسة الثقافة  الجامعية  سنة1986 ص: 6.
2 - عادل طاهر  السياحة  ماضيها حاضرها  ومستقبلها : مصر  منشورات الاتحاد العربي للسياحة سنة 1974  ص :10
4- على المستوى الدولي فانها تحقق الفوائد التاليـة :
  - تساعد على تحقيق التقارب والتفاهم بين الشعوب (LETOURISME PASPORT DE PAIX   )
في العالم مما يؤدي الى تكوين راي عام دولي للسلام والامن  الدوليين  كما تساهم في التقارب  الحضاري  والثقافي والرياضي بين شعوب العالم .
  5 - تحقيق عملية  التكامل الثقافي والاجتماعي والحضاري داخل المجتمع  الواحد ، لانها عن طريق  الخدمات  التي تؤدي  تلعب دورا هاما  في التنشئة  الاجتماعية  والثقافية  والسياسية  للسكان  خاصة  الشباب منهم .
     فللسياحة آثارا إيجابية  وفوائد تعود على المجتمع  إذا ما اهتمينا بها  ووفرنا  لها كل المستلزمات  التي تقوم  عليها  ويمكن  إدراج هذه الاثار فيما يلي:
  - إحداث مناصب شغل عديدة وبالتالي تقليص من حدة البطالة .
  - المساهمة في زيادة الدخل الوطني وتحسين وضعية ميــزان المدفوعات  وذلك بما ينفقه  السواح أثناء إقامتهم وكذلك تضاعف  الاستثمارات  التي تؤدي بدورها  الى زيادة نسبة  المداخيل.
 - إسترجاع طاقات العمل  لقوتها  نتيجة لما توفره لها السياحة من راحة واستجمام .
 - تدعيم العلاقات مع الشعوب  عن التعارف  والاطلاع على الثقافات  والحضارات .
 - الحفاظ على الاثار التاريخية وترقيتها .
 - ترقية الصناعات التقليدية  والتراث الثقافي (1) .
عن طريق التبادلات  والرحلات كما حدث بالجزائر شــهر اوت سنة 2001 الملتقى العالمي للشباب  والذي أدى بدوره إلى عدة مزايا  وخاصة منها  السياحة والتقارب  الثقافي  وكذلك الرحلات  بين مختلف  ومناطق  البلاد.
ثـانيا : العيوب :
   في تحديدنا لعيوب  السياحة  سنعتمد على تقسيم  ( أحمد ادريس ) في دراسته للسياحة التونسية  ، حيث حدد الاثار  السلبية  للسياحة  في ثلاثة أنواع :(2)
   1- تؤدي الحركة السياحية  وخاصة منها  الخارجية  الى إتصال مجتمع إستهلاكي  مع مجتمع نصف استهلاكي  أو تحت استهلاكي ( الدول النامية )  الى نشأة عادات  إستهلاكية  في الدول المتخلفة  خاصة ، بحيث تكون  هذه العادات  غير مرتبطة  بمستوى  المعيشة  في البلد  المستقبل  للسواح  الأجانب ، كما أن إرتفاع  الأسعار يؤدي الى إحداث التضخم مثل تونس ، المغرب ، الجزائـــر.


1 - GAZETTE OFFICIELLE DU TOURISME N° 369 du 21 -1-1975                              
2- NOTES ET ETUDES DOCUMENTAIRES LE TOURISMES DANS LE DEVELOPPEMENT  ECONOMIQUE DE LA PAGNE / P 12   

2- إن عدم التوازن  في الأجور  والحظوظ بين موظفي  القطاع السياحي ، والقطاعات الاقتصادية  الأخــرى  وكذلك الامتيازات  فهذا القطاع يؤدي إلى هروب الإطارات  من القطاعات الأخرى  إلى القطاع السياحي  الذي يتوفر فيه  العامل على حظوظ اكثــر  من العامل في القطاعات الاقتصادية الأخرى ( التجربة التونسية  تثبت ذلك ) كما أن تركيز الخدمات  والمرافق  السياحية  في المدن  الكبرى يؤدي إلى خلق  النزوح الريفي كما هو الحال في إسبانيا .(1)

  3- كثرة الإعتماد على الاقتصاد السياحي  ( السياحة الخارجية ) قد يخلق  مشاكل غير متوقعة  للاقتصاد الوطني  الذي يعتمد كثيرا على الايــرادات  السياحية  بسبب الازمات الاقتصادية  والسياحية  والنزاعات الدولية التي قد توقف الحركة السياحية نحو البلد ( حرب لبنان مثال على ذلك ) او حرب الخليج والتي تأثر بها  العالم الاسلامي والعربي كله سنة1991  وما نتج عنه من تاثيرات  سلبية على قطاع السياحة ثم تأتي سنة 2001 أي في 11 سبتمبر 2001 وما وقع في الولايات المتحدة الامريكية  ثم رد فعلها وإعلانها الحرب على دولة افغانستان فتأثرت بها السياحة الدولية  وخاصة منها العربية  والاسلامية ، وهذا يؤدي الى التأثير سلبا على اقتصاديات العالم  الاسلامي  والعربي  وحتى العالم الغربي والتأثير الأكبر هو بالنسبة  للدول التي تعتمد على السياحة  في اقتصادياتها.(2)
ونذكر البناءات الفوضوية  بحيث يمكن  إنشاء هياكل  سياحية في مناطق غير متجانسة عمرانيا .
- إتلاف الطبيعة والاراضي الفلاحية  أي إنشاء هياكل  سياحية  في مناطق زراعية .
- التدهور  المحتمل للمواقع السياحية  نتيجة إهمالها  وعدم صيانتها  تؤدي الحركة  السياحية  خاصة منها  الى إتصال المجتمع الاستهلاكي  مع المجتمع نصف الاستهلاكي  أو تحت المجتمع الاستهلاكي  ( الدول الفقيرة )  مما ينتج  عنه نشوء  عادات  إستهلاكية في الدول النامية غير مناسبة مع مستوى معيشتها .
 - تقسيم طبقي إجتماعي : تفرق السياحة بين ذوي المداخيل المرتفعة والمداخيل المنخفضة وهنا  يظهر نوعان من السياحة الرفيعة خـــاصة بالنوع الأول وسياحة دنيا خاصة بالنوع الثاني من افات إجتماعية  منها السرقة والأمراض المعدية . (3) 






بوعقلين بديعة  السياسات السياحية في المجتمع الجزائري وانعكاساتها على العرض والطلب رسالة ماجستير غير منشورة سنة 1996 ص : 34
2- Note et Etudes Documentaire  OPCITE/ PAGE 16                                                                                                      3- بوعقين بديعة  :مرجع سبق ذكره ص :35

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق